فصل: قال الثعلبي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ويقال: جاءت نزعات الموت بالحق.
يعني: بالسعادة، والشقاوة.
يعني: يتبين له عند الموت.
ويقال: فيه تقديم، ومعناه: جاءت سكرة الحق بالموت.
روي عن أبي بكر الصديق، أنه كان يقرأ {وَجَاءتْ سَكْرَةُ الحق} {بِالْحَقّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ} يعني: يقال له: هذا الذي كنت تخاف منه، وتكره.
ويقال: ذلك اليوم الذي كنت تفر منه.
{وَنُفِخَ في الصور} يعني: النفخة الأخيرة وهي نفخة البعث {ذَلِكَ يَوْمَ الوعيد} يعني: العذاب في الآخرة {وَجَاءتْ} أي: جاءت يوم القيامة {كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ} سائق يسوقها إلى المحشر، ويسوقها إلى الجنة، أو إلى النار.
{وَشَهِيدٌ} يعني: الملك يشهد عليها.
وقال القتبي: السائق هاهنا، قرينها من الشياطين، يسوقها.
سمي سائقًا، لأنه يتبعها، والشهيد: الملك.
ويقال: الشاهد أعضاؤه.
ويقال: الليل، والنهار، والبقعة، تشهد عليه.
ويقال له: {لَّقَدْ كُنتَ في غَفْلَةٍ مّنْ هذا} يعني: من هذا اليوم، فلم تؤمن به، وقد ظهر عندك بالمعاينة {فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ} يعني: غطاء الآخرة.
ويقال: أريناك ما كان مستورًا عنك في الدنيا.
ويقال: أريناك الغطاء الذي على أبصارهم، كما قال: {غَفْلَةٍ مّنْ هذا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ اليوم حَدِيدٌ} أي: نافذ.
ويقال: شاخص بصره لا يطرف، يديم النظر حين يعاين في الآخرة، ما كان مكذبًا به.
ويقال: {حَدِيدٍ} أي: حاد كما يقال: {حَفِيظٌ} يعني: حافظ، وقعيد بمعنى قاعد.
وقال الزجاج: هذا مثل.
ومعناه: إنك كنت بمنزلة من عليه غطاء {فَبَصَرُكَ اليوم حَدِيدٌ} يعني: علمك بما أنت فيه نافذ.
قوله عز وجل: {وَقال قَرِينُهُ} يعني: ملكه الذي كان يكتب عمله {هذا مَا لَدَىَّ عَتِيدٌ} يعني: هذا الذي وكلتني به قد أتيتك به، وهو حاضر يقول الله عز وجل: {أَلْقِيَا في جَهَنَّمَ} يعني: يقول للملكين ألقيا في جهنم {كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ} وقال بعضهم هذا أمر للملك الواحد بلفظ الاثنين، وقال الفراء: يرى أصل هذا أن الرفقة أدنى ما تكون ثلاثة نفر، فجرى كلام الواحد على صاحبيه، ألا ترى أن الشعراء أكثر شيء: قيلًا يا صاحبي، ويا خليلي، قال الشاعر: فقلت لصاحبي لا تحبساني، وأدنى ما يكون الأمر والنهي في الإعراب اثنان، فجرى كلامهم على ذلك ومثل هذا قول امرئ القيس:
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل

ويقال: أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ، على معنى تكرير الأمر، يعني: ألق ألق، وهو على معنى التأكيد، وكذلك في قوله: قفا، معناه قف قف.
وقال الزجاج: عندي أن قوله أَلْقِيَا أَمر للملكين، وقال بعضهم: الأمر للواحد بلفظ الاثنين واقع في إطلاق العرب، وكان الحجاج يقول: يا حرسي اضربا عنقه {كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ}، يعني: كل جاحد بتوحيد الله تعالى معرض عن الإيمان، وقال مقاتل: يعني الوليد بن المغيرة.
ويقال هذا في جميع الكفار الذين ذكر صفتهم في هذه الآية، وهي قوله: {مَّنَّاعٍ لّلْخَيْرِ} يعني بخيلًا لا يخرج حق الله من ماله، ويقال: {مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ} يعني يمتنع عن الإسلام {مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ} المعتدي هو الظلوم الغشوم، والمريب الشاك في توحيد الله تعالى قوله تعالى: {الذى جَعَلَ مَعَ الله إلها ءاخَرَ} يعني: أشرك بالله عز وجل {فألقياه في العذاب الشديد} يعني: في النار {قال قرِينُهُ} يعني: شيطانه {رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ} يعني: لم يكن لي قوة أن أضله {ولكن كَانَ في ضلال بَعِيدٍ} يعني: في خطأ طويل بعيد عن الحق، يقول الله تعالى لابن آدم وشيطانه {قال لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَىَّ} أي لا تختصموا عندي {وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بالوعيد} يعني: أخذت عليكم الحجة، وأخبرتكم بالكتاب والرسول {مَا يُبَدَّلُ القول لَدَىَّ} يعني: لا يغير قضائي وحكمي الذي حكمت، ويقال: لا يكذب وعيدي {وَمَا أَنَاْ بظلام لّلْعَبِيدِ} يعني: لا أعذب أحدًا بغير ذنب، ويقال: مَا يُبَدِّلُ الْقول لَدَيَّ، يعني: لا يغير عن جهته، ولا يحذف منه، ولا يزاد فيه، لأني أعلم كيف ضلوا، وكيف أضللتموهم، وروى سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إلاَّ وُكِّلَ بِهِ قَرِيُنُه مِنَ الجِنِّ وَقَرِينُهُ مِنَ المَلائِكَةِ» قالوا: وإياك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال:
«وَإيَّايْ وَلَكِنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ أعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ، فَلاَ يَأمُرُنِي إلاَّ بِخَيرٍ» وعن الربيع، عن أنس، قال: سألت أبا العالية عن قوله عز وجل: {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ القيامة عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ} [الزمر: 31] وهاهنا يقول: {لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَىَّ} فقال: لا تختصموا لدي في أهل النار، والأخرى في المؤمنين في المظالم، فيما بينهم، وقال مجاهد: {مَا يُبَدَّلُ القول لَدَىَّ وَمَآ أَنَاْ بظلام لِّلْعَبِيدِ} [ق: 29] يعني: لقد قضيت ما أنا قاض قوله عز وجل: {يَوْمَ نَقول لِجَهَنَّمَ} قرأ نافع وعاصم في رواية أبي بكر {يِقول} بِاليَاء يعني: يقول الله تعالى، قرأ الباقون بالنون، ومعناه كذلك يوم صار نصبًا على معنى مَا يُبَدَّلُ القول لَدَيَّ في ذلك اليوم، ويقال على معنى أنذرهم يوم، كقوله: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الحسرة إِذْ قُضِىَ الأمر وَهُمْ في غَفْلَةٍ وَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} [مريم: 39] ثم قال: {هَلِ امتلات} يعني: هل أوفيتك ما وعدتك، وهو قوله لأَملأن جَهَنَّمَ {فَتَقول} النار {هَلْ مِن مَّزِيدٍ} يعني: هل من زيادة وقال عطية: هل من موضع، ويقال معناه هل امتلأت، أي قد امتلأت، فليس من مزيد، ويقال: أنا طلبت الزيادة تغيظًا لمن فيها، وروى وكيع بإسناده عن أبي هريرة قال: «لا تَزَالُ جَهَنَّمَ تَسَأَل الزِّيَادَة حتى يضع الله فيها قدمه فَتَقول جَهَنَّمَ يَا رَبَّ قط قط» أي حسبي حسبي، وقال في رواية الكلبي نحو هذا، ويقال تضيق بأهلها حتى لا يكون فيها مدخل لرجل واحد.
قال أبو الليث: قد تكلم الناس في مثل هذا الخبر قال بعضهم: نؤمن به ولا نفسره، وقال بعضهم: نفسره على ما جاء بظاهر لفظه، وتأوله بعضهم وقال: معنى الخبر بكسر القاف يضع قدمه وهم أقوام سالفة فتمتلىء بذلك.
قوله عز وجل: {وَأُزْلِفَتِ الجنة} يعني: قربت وأدنيت الجنة {لّلْمُتَّقِينَ} الذين يتقون الشرك والكبائر، ويقال زينت الجنة.
ثم قال عز وجل: {غَيْرَ بَعِيدٍ} يعني: ينظرون إليها قبل دخولها، ويقال غَيْرَ بَعِيدٍ، يعني: دخولهم غير بعيد، فيقال لهم {هذا مَا تُوعَدُونَ} في الدنيا {لِكُلّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ} أي مقبل إلى طاعة الله، حفيظ لأمر الله تعالى في الخلوات وغيرها، ويقال: الأواب الحفيظ الذي إذا ذكر خطاياه استغفر منها، وروى مجاهد عن عبيد بن عمير مثل هذا قوله عز وجل: {مَّنْ خَشِىَ الرحمن بالغيب} يعني: يخاف الله عز وجل، فيعمل بما أمره الله، وانتهى عما نهاه، وهو في غيب منه {وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ} يعني: مقبلًا إلى طاعة الله مخلصًا ويقال لهم: {ادخلوها بِسَلامٍ} ذكر في أول الآية بلفظ الواحدان، وهو قوله وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ، ثم ذكر بلفظ الجماعة وهو قوله: {ادخلوها} لأن لفظه من اسم جنس، يقع على الواحد، وعلى الجماعة، مرة تكون عبارة عن الجماعة، ومرة تكون عن الواحدان {ادخلوها بِسَلامٍ} يعني: بسلامة من العذاب والموت والأمراض والآفات {ذَلِكَ يَوْمُ الخلود} أي لا خروج منه قوله عز وجل: {لَهُمْ مَّا يَشَاءونَ فِيهَا} يعني: يتمنون فيها {وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} يعني: زيادة على ما يتمنون من التحف والكرامات، ويقال هو الرؤية وكقوله: {لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الحسنى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أولئك أصحاب الجنة هُمْ فِيهَا خالدون} [يونس: 26] ثم قال عز وجل: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مّن قَرْنٍ} يعني: قبل أهل مكة {هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشًا} يعني: أشد من أهل مكة {فَنَقَّبُواْ في البلاد} يعني: طافوا وتقلبوا في أسفارهم وتجاراتهم، ويقال: تغربوا في البلاد {هَلْ مِن مَّحِيصٍ} يعني: هل من فرار، وهل من ملجأ من عذاب الله.
قوله عز وجل: {إِنَّ في ذَلِكَ لذكرى} يعني: فيما صنع لقومك {لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ} يعني: عقل لأنه يعقل بالقلب فكني عنه {أَوْ أَلْقَى السمع} يعني: استمع إلى القرآن {وَهُوَ شَهِيدٌ} يعني: قلبه حاضر غير غائب عنه، وقال القتبي: وهو شهيد، يعني: استمع كتاب الله، وهو شاهد القلب والفهم، ليس بغافل، ولا ساه، وروى معمر عن قتادة قال: لمن كان له قلب من هذه الأمة، أو ألقى السمع.
قال رجل من أهل الكتاب: استمع إلى القرآن، وهو شهيد على ما في يديه من كتاب الله تعالى، وروي عن عمر أنه قرأ: {فَنَقَّبُواْ} بالتخفيف، يعني: فتبينوا ونظروا وذكروا، ومنه قيل للعريف نقيب القوم، لأنه يتعرف أمرهم، ويبحث عنهم.
وقرأ يحيى بن يعمر {فَنَقَّبُواْ} بضم النون، وكسر القاف، يعني: تبينوا، وقرأ الباقون بالتشديد يعني: طوفوا، وقوله: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشًا فَنَقَّبُواْ في البلاد هَلْ مِن مَّحِيصٍ} [ق: 36] يعني: هل من ملجأ من الموت، قوله عز وجل: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السموات والأرض} وذلك أن اليهود قالوا: لما خلق الله السموات والأرض وفرغ منهما، استراح في يوم السبت فنزل قوله: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السموات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا في سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ} يعني: ما أصابنا من إعياء، وإنما يستريح من يعيى.
قوله عز وجل: {فاصبر على مَا يَقولونَ} من المنكر، وهو قولهم: استراح، ويقال: فاصبر على ما يقولون من التكذيب، وقال في رواية الكلبي: نزلت في المستهزئين من قريش، وفي أذاهم للنبي صلى الله عليه وسلم {وَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشمس وَقَبْلَ الغروب} يعني: صل لربك صلاة الفجر، وصلاة الظهر، وصلاة العصر {وَمِنَ الليل} يعني: المغرب والعشاء {فَسَبّحْهُ} يعني: صل له وهو المغرب والعشاء {وأدبار السجود} يعني: ركعتي المغرب، قرأ ابن كثير، ونافع، وحمزة {وأدبار} بكسر الألف، والباقون بالنصب، فهو جمع الدبر، ومن قرأ بالكسر فعلى مصدر أدبر يدبر إدبارًا، قال أبو عبيدة: هكذا نقرأ يعني: بالنصب، لأنه جمع الدبر، وإنما الإدبار، هو المصدر كقولك: أدبر، يدبر، إدبارًا، ولا إدبار للسجود، وإنما ذلك للنجوم.
قوله عز وجل: {واستمع يَوْمَ يُنَادِ المناد} قرأ أبو عمرو، ونافع، وابن كثير: {الْمُنَادِي} بالياء في الوصل، وهو الأصل في اللغة، والباقون بغير ياء، لأن الكسر يدل عليه فاكتفى به، ومعنى الآية اعمل واجتهد، واستعد ليوم القيامة، يعني: استمع صوت إسرافيل {مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ} يعني: من صخرة بيت المقدس {يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصيحة بالحق} يعني: نفخة إسرافيل بالحق أنها كائنة، وقال مقاتل: في قوله: {مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ} قال صخرة: بيت المقدس، وهي أقرب الأرض من السماء، بثمانية عشر ميلًا، وقال الكلبي: باثني عشر ميلًا {ذَلِكَ يَوْمُ الخروج} من قبورهم إلى المحاسبة، ثم إلى إحدى الدارين، إما إلى الجنة، وإما إلى النار، وقال أبو عبيدة: يوم الخروج اسم من أسماء يوم القيامة، واستشهد بقول العجاج أليس يوم سميت خروجًا أعظم يومًا سميت عروجًا، قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نُحْىِ وَنُمِيتُ} يعني: نحيي في الآخرة، ونميت في الدنيا الأحياء، ويقال: إنا نحن نحيي الموتى ونميت الأحياء {وَإِلَيْنَا المصير} يعني: المرجع في الآخرة، يعني: مصير الخلائق كلهم.
قوله عز وجل: {يَوْمَ تَشَقَّقُ الأرض عَنْهُمْ سِرَاعًا} يعني: تصدع الأرض عنهم، قرأ ابن كثير، ونافع، وابن عامر {تَشَقَّقُ} بتشديد الشين، والباقون بالتخفيف، لأنه لما حذف إحدى التاءين ترك الشين على حالها، ثم قال: {سِرَاعًا} يعني: خروجهم من القبور سراعًا {ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ} يعني: جمع الخلائق علينا هين {نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقولونَ} في البعث من التكذيب {وَمَا أَنتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ} يعني: بمسلط، يعني: لم تبعث لتجبرهم على الإسلام، وإنما بعثت بشيرًا ونذيرًا، وهذا قبل أن يؤمر بالقتال.
ثم قال: {فَذَكّرْ بالقرءان} يعني: فعظ بالقرآن بما وعد الله فيه {مَن يَخَافُ وَعِيدِ} يعني: من يخاف عقوبتي وعذابي والله أعلم. اهـ.

.قال الثعلبي:

{ق}.
قال ابن عبّاس: هو اسم من أسماء الله سبحانه، أقسم به. قتادة: اسم من أسماء القرآن، القرظي: إفتتاح أسماء الله، قدير، وقادر، وقاهر، وقاضي، وقابض. الشعبي: فاتحة السُّورة. بُريد، وعكرمة، والضحّاك: هو جبل محيط بالأرض من زمردة خضراء، خضرة السماء منه، وعليه كتفا السماء، وما أصاب الناس من زمرد، فهو ما يسقط من الجبل، وهي رواية أبي الحوراء، عن ابن عبّاس. قال وهب بن منبه: إنّ ذا القرنين أتى على جبل قاف، فرأى حوله جبالًا صغارًا، فقال له: ما أنت؟ قال: أنا قاف، قال: وما هذه الجبال حولك؟ قال: هي عروقي، وليست مدينة من المدائن إلاّ وفيها عرق منها، فإذا أراد الله أن يزلزل تلك الأرض أمرني، فحرّكت عرقي ذلك، فتزلزلت تلك الأرض، فقال له: يا قاف، فأخبرني بشيء من عظمة الله، قال: إنّ شأن ربّنا لعظيم، تقصر عنه الصفات، وتنقضي دونه الأوهام.
قال: فأخبرني بأدنى ما يوصف منها. قال: إنّ ورائي لأرضًا مسيرة خمسمائة عام في عرض خمسمائة عام من جبال ثلج يحطم بعضه بعضًا، لولا ذاك الثلج لاحترقت من حرّ جهنّم. قال: زدني، قال: إنّ جبريل عليه السلام واقف بين يدي الله سبحانه ترعد فرائصه، يخلق الله من كلّ رعدة مائة ألف ملك، وأُولئك الملائكة صفوف بين يدي الله سبحانه، منكّسو رؤوسهم، فإذا أذن الله لهم في الكلام، قالوا: لا إله إلاّ الله، وهو قوله: {يَوْمَ يَقُومُ الروح والملائكة صَفًّا لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحمن وَقال صَوَابًا} [النبأ: 38] يعني لا إله إلاّ الله.
وقال الفرّاء: وسمعت من يقول: (ق): قضي ما هو كائن، وقال أبو بكر الورّاق: معناه قف عند أمرنا، ونهينا، ولا تعدهما. وقيل: معناه قل يا محمّد.
أحمد بن عاصم الأنطاكي، هو قرب الله سبحانه من عباده، بيانه {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الوريد} [ق: 16] وقال ابن عطاء: أقسم بقوّة قلب حبيبه محمّد صلى الله عليه وسلم حيث حمل الخطاب، ولم يؤثر ذلك فيه لعلوّ حاله.
{والقرآن المجيد} الشريف، الكريم على الله الكبير، الخبير.
واختلف العلماء في جواب هذا القسم، فقال أهل الكوفة: {بَلْ عجبوا}، وقال الأخفش: جوابه محذوف مجازه {ق والقرآن المجيد} لتبعثن، وقال ابن كيسان: جوابه قوله: {مَّا يَلْفِظُ مِن قول} الآية، وقيل: قد علمنا، وجوابات القسم سبعة: {إِنَّ} الشديدة، كقوله: {إِنَّ رَبَّكَ لبالمرصاد} [الفجر: 14] و(ما) النفي كقوله: {والضحى} {مَا وَدَّعَكَ} [الضحى: 1-3] و(اللام) المفتوحة، كقوله: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [الحجر: 92] و(إنْ) الخفيفة كقوله سبحانه: {تالله إِن كُنَّا لَفِي} [الشعراء: 97]، و(لا) كقوله: {وَأَقْسَمُواْ بالله جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} [الأنعام: 109]، لا يبعث الله من يموت، وقد كقوله: {والشمس وَضُحَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا}.
[الشمس: 91] وبل كقوله: {ق والقرآن المجيد} {بَلْ عجبوا أَن جَاءَهُمْ مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ} يعرفون حسبه، ونسبه، وصدقه، وأمانته.
{فَقال الكافرون هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ} غريب.
{أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا} نُبعث، فترك ذكر البعث لدلالة الكلام عليه.
{ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ} يقال: رجعته رجعًا، فرجع هو رجوعًا، قال الله سبحانه: {فَإِن رَّجَعَكَ الله إلى طَآئِفَةٍ مِّنْهُمْ} [التوبة: 83] قال الله سبحانه: {قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الأرض مِنْهُمْ} ما تأكله من عظامهم، وأجسامهم، وقيل: معناه قد علمنا ما يبلى منهم، وما يبقى لأنّ العصعص لا تأكله الأرض كما جاء في الحديث: «كلّ ابن آدم يبلى، إلاّ عجب الذنب، منه خلق ومنه يركب» وأبدان الأنبياء والشهداء أيضًا لا تبلى.